الرئيسية المحاضرات والندوات متي يحرر الثوار الجولان

متي يحرر الثوار الجولان

6 ثانية
0
0
211

ياسر الغرباوي

بالأمس جمعتني مناسبة اجتماعية مع العديد من الأصدقاء القدامى من جنسيات عربية متعددة، فجلسنا نتجاذب أطراف الحديث، فجأة بدون سابق إنذار، قال صديقنا السوري وهو منفعل: متى يحرر الثوار السوريين الجولان؟  فإسرائيل أصبحت ياجماعة على مرمي حجر من العاصمة دمشق !، حاولت أن أُمسك نفسي فلا أصد ولا أرد؛ فهذه مناسبة اجتماعية من الواجب أن لا نشغب عليها بكلام في السياسة، ولكن الطبع غالب، فأطلقت نحوه بسرعة خاطفة سؤالي: لماذا لم يقاوم رسول الله صلى الله وسلم  في مكة عسكرياً؟ على الرغم من أن الصحابة كانوا يُقتلون ويعذبون، فرد علي قائلاً: لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يؤمر بالقتال من قبل الله، فقلت له: والواقع الآن في سوريا بعد هذا التحرر من الطاغية، لا يسمح لهؤلاء بالمقاومة والاشتباك العسكري مع إسرائيل، وهنا تدخل أخ كريم من جنسية عربية ثالثة قائلاً: ممكن تسمحي لي أن أوفق بينكم، حتى  نخرج برأي موحد يرضي الجميع، فقلنا أهلاً وسهلاً، فقال: آلسنا متفقين على الحق في المقاومة ؟ قال الجميع : بلي فقال: ممتاز، دعونا نتفهم واقع الثوار والثورة الصعب على الأرض الأن، فالجميع يعلم تحديات إعادة بناء سوريا من جديد؛ فإذاً  دعونا نعطي الثوار وقتهم لبناء الدولة، وبعد ذلك فوراً يبدأون في مقاومة المحتل.

فقلت له: متفق معاك  في نصف إجابتك الأولي، بأن الأولوية لبناء الدولة وبناء عقد اجتماعي جديد ، ولكن مختلف  معاك في فكرة أن تقرر مجموعة ما داخل سوريا أن تفتح جهة مع المحتل منفردةً ، فقال مستغرباً فهمنا ماذا تقصد ؟، فقلت:  لهم الشعب السوري في سوريا الديمقراطية الجديدة بإذن الله، هو من يقرر عبر مؤسسات الديمقراطية يُقاوم أم لا؟ فالقرار ساعتها يكون للشعب، وربما وفق منطق الدولة لن يكون هناك ساعتها كيان اسمه جبهة تحرير الشام، أو الجيش الحر، بل سيكون الجميع تحت القانون والدستور، فغضب صديقنا الثالث الذى حول التوفيق بين الأراء فأصبح محط السهام من الجميع، وانفعل قائلاً : لا خير في ديمقراطية لا تدعم المقاومة ،وإذا لم يُقاوم الثوار بعد بناء الدولة يكونوا خونة! ، وتكون ثورتهم مؤامرة على المقاومة !، استمر الحوار بعدها ولكني اكتفي بهذا القدر منه ويمكنني أن أخرج منه بعده انطباعات منها  

أولاً: بدا لي أن ثقة النخبة في الشعوب باعتبارها هى صاحبة السلطة والقرار متراجعة في المخيل العربي، وهذا تحدى يحتاج إلى بذل جهد معرفي وثقافي وديني؛ يهدف إلى إعادة ثقة النخب في الشعوب وأنهم ليسوا أوصياء عليهم.

ثانياً: قابلية النخب العربية لتقبل نتائج الديمقراطية والانتخابات تبدو متواضعة، وخاصة إذا جاءت بأحزاب وبرامج تختلف مع أفكارهم المركزية، وقناعاتهم الأيديولوجية، فمازال العديد من النخب العلمانية لا تقبل صعود الأحزاب الإسلامية للسلطة حتى لو جاءت بعملية انتخابية شفافة، ومازالت النخبة الدينية العربية في مجملها تعتبر صعود الأحزاب العلمانية مهدد للدين والهوية

ثالثاً: الأغلبية  تعتقد أن معركتنا مع إسرائيل يمكننا أن ننتصر فيها بالشعارات والتضحيات والصمود فقط، دونما فهم لتحديات الواقع، واستيعاب بأن الصراع بين الأمة وإسرائيل هو تدافع حضاري، والبعد العسكري فيه نقطة في دائرة كبيرة عمادها الحرية والعلم والديمقراطية وكرامة الإنسان .

في الختام أعتقد أن مستقبل سوريا الحاضر والمستقبل مرهون بقبول نخبها بكافة الوانها الدينية والأيديولوجية والعرقية بالتنوع الرائع في سوريا، واعتباره نقطة قوة وليس مسار للضعف، وأن يثقوا في الشعب السوري الصامد، وفي اختياراته الانتخابية والدستورية القادمة

عرض مقالات ذات صلة
Load More By ياسر الغرباوي
Load More In المحاضرات والندوات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

بامكانك الاطلاع على

من نار الثورة السورية إلى أنوار الجماعة الوطنية

  ياسر الغرباوي * سوريا بلد  بالغ الثراء والتنوع  على مستوي الجماعة الوطنية ؛ففيها أع…